المسمية الكبيرة

المسمية الكبيرة ـ قرية فلسطينية تقع عند تقاطع الطرق الرئيسية الثلاث القدس ـ يافا ـ غزة

الثلاثاء، 13 أغسطس 2013

الحاج "النجار".. اقتلعوه من "المسمية" فغرسها في قلبِه

غزة- هدى الدلو

الحاج عمر النجار
الحاج عمر النجار
قد تكون اختلفت قصصهم، وأحلامهم، وطموحاتهم، لكن عنوان المأساة واحدٌ، أنهم كانوا مواطنين يعيشون بأمن وأمان، جميع أهالي القرية كأنهم أسرة واحدة، الطيبة سكنت قلوبهم، وبلمحة بصر ودون سابق إنذار هُجروا وطردوا من أرضهم ليصبحوا لاجئين، فانهارت أحلامهم البسيطة الصغيرة، ليبحثوا من جديد عن مأوي. 

الحاج عمر النجار البالغ من العمر (82) عامًا، من قرية "المسمية الكبيرة"، هُجر أهلها في نكبة 1948م، يحكي لنا النجار عن موقعها مؤشرًا بيديه وقلبه أيضًا، قائلًا:" تقع في جنوب فلسطين بين يافا والرملة والقدس، وتقع عند تقاطع الطرق المؤدي إلى المجدل وإلى الشمال الشرقي من مدينة غزة، وتبعد عنها 41 كم، وتبعد عن مدينة يافا بنحو 39 كم، وترتفع 75 مترًا عن سطح البحر، ويخترقها وادي الزريقة أحد روافد وادي صقرير، وتحيط بأراضي القرية أراضي قرى: (المسمية الصغيرة) و(ياسور) و(القسطينة) و(بشيت) و(قَطْرة) و(المُخَيْزِن) و(الخيمة). 

ويشير إلى أن المسمية تنتج كميات كبيرة من القطن المغزول، أما وصف"الكبيرة" فقد أضيف لاحقا إلى اسم القرية لتمييزها عن توأمها المسمية الصغيرة. 

ويضيف:"كانت تحيط بها من جميع الجهات البساتين الزراعية، ومنازلها أغلبها مبنية من الطوب، والقليل منها بالأسمنت. وغالبية سكان "المسمية الكبيرة" من المسلمين والقليل منهم مسيحيون، وكان يوجد فيها مسجدان، ومدرستان: إحداهما للبنين والأخرى للبنات، وقد بنيت هاتان المدرستان في سنتي 1922م و1944م على التوالي، وكان في القرية مجلس بلدي، وكانت مياه الاستعمال المنزلي تستمد من الآبار". 

ويبين أن الزراعة هي عماد اقتصاد القرية، فاشتهرت بزراعة الحمضيات والحبوب كالقمح والذرة والشعير، وبعض الفواكه، إضافة إلى الزراعة كان السكان يربون المواشي كالأبقار والأغنام والدجاج، وكان بعضهم يعمل في المعسكر البريطاني المجاور. وكان فيها محطة للوقود، وكان يعقد فيها سوقًا أسبوعية كل يوم خميس كانت تستقطب سكان القرى المجاورة. 

من العائلات المشهورة في القرية: ياغي، ومهنا، ودياب، وأبو حية، وزيدان، والرملي، وعوض الله، ومطر، والحوراني، وحجازي، وأبو زايد، وأبو حجر، وأبو دية، وأبو لاشين، وثابت، والخطيب، وأبو منصور. 


ويستكمل حديثه:"في الليلة المشئومة عندما ابتدأت عصابات صهيونية بحصار البلدات المجاورة، وأمعنت في القتل والذبح وهدم البيوت، كان شيوخ القرية ومخاتيرها يموتون قهرًا وغيظًا؛ بسبب ما يحدث، فثارت ثائرتهم من ضعف الحيلة والعجز عن فعل شيء؛ فرفضوا حتى مجرد التفكير بمغادرة البلدة، رغم أنهم سمعوا وشاهدوا بأم أعينهم جثث الشهداء، والجرحى، وآثار الدمار الواسع الذي أحدثته مدفعية الغزاة". 

ويتابع:"أصروا على البقاء وهم يعرفون تمامًا كم كان المحتلون يحقدون على البلد، وكم حشدوا لاجتياحها من أسلحة وعناصر مدربة، في حين كانت الغالبية العظمى من أهل البلدة بلا أي نوع من السلاح، ولم يكونوا قد تلقوا أي نوع من التدريب على القتال، لكن بعد إلحاح أهل البلدة وافقوا على الخروج مع الخارجين، أما والدي فاشترط عدم حمل أمي أو أي من أفراد العائلة أي نوع من المتاع أو الأثاث والطعام، صارخًا فيهم:(من يأخذ معه متاعه فسيكون سهلًا عليه العيش بعيدًا عن بلده، وربما تضعف عزيمته ويستصعب العودة)"، موضحًا أنه سمع أن الجيوش العربية تزحف إلى فلسطين من كل الجهات، وأنها ستسحق عصابات اليهود وتعيد الأهالي إلى بيوتهم. 

ويستمر في رواية ما حدث:"وأكد كبار القرية أن البعد عن البلدة لن يطول أكثر من أسبوع أو أسبوعين، وبالفعل تقول والدتي:(لم نحمل معنا أي شيء، لا ملابس ولا فراش ولا غذاء، وقد تركنا الدجاج في ساحات البيت، والبقر في الزرائب، والقمح والعدس في "الخوابي"، والزيت في الجرار، والطعام في الطناجر، والفراش على "المساطب")، وتوجهنا في الظلام الدامس شمالًا عبر أحراش الكرمل، واستمرت ملاحقة جيش الاحتلال الإسرائيلي لنا من قرية إلى بلدة حتى وصلنا إلى غزة في مخيم جباليا". 

وردًا على جريمة الصهاينة البربرية التي على إثرها عاش حياة اللجوء والتشرد والألم، أسكن الأرض في قلبه، وقلوب أبنائه وأحفاده من بعده، وعاش معها حلمًا أبديًّا لم يفارقه طوال حياته، فهو يتمنى أن يدفن جثمانه في أرضه، التي آمن من أعماقه بأنها أحبته كما أحبها، وأنها مشتاقة إلى كفيه ومحراثه.

فلسطين أون لاين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق